ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ
ﺑـﺪاﻳﺎت ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ
ﻧﺴـﺒﻴﺎ واﻟـﺬي ﻳﻌـﻮد إﱃ ﺑـﺪاﻳﺎت اﻟﻘـﺮن ﻳﻌﺪ ﻋﻠﻢ اﻟـﻨﻔﺲ ﻣـﻦ اﻟﻌﻠـﻮم اﻟﺤﺪﻳﺜـﺔ اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺣﻴﺚ اﺳﻬﻢ ﻛﺜير ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﻻﺧﺮى واﻟﺘﻲ
رﻓﺪت اﻟﻌﻠﻮم ﰲ تمﺎﻳﺰه ﻋﻦ ﻏيره ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﺜير ﻣﻦ اﻻﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻻﺛﺮ اﻟﻜﺒير ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻻﻃﺎر اﻟﻨﻈﺮي اﻟﺰاﺧـﺮ ﺑﺎﻟﺒﺤﻮث اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل دراﺳﺎت اﻟﺴﻠﻮك اﻻﻧﺴﺎني. ﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﻬﺖ ﻣﺴيرﺗﻪ واﺧﺘﻼف وﻗﺪ اﺳﺘﻄﺎع ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ رﻏﻢ اﻟﺼﻌ اﻷﻓﻜـﺎر وﺗﻀﺎرﺑﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻠماء اﻟﻌﺎﻣﻠين ﰲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل واﺧﺘﻼف اﳌﻨﺎﻫﺞ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﳌﺪارﺳﻪ أ ن ﻳﺠﺪ ّ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﺑين ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم وﻳﺼﺒﺢ ﻋﻠما ﻣﺴﺘﻘﻼ ﺑﺬاﺗﻪ، ﻓﻘﺪ ﻧﺠﺢ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻔﺘﻲ وﰲ ﻓﱰة ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ أن ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﴎار اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺒﴩي. ﻛما اﺳﺘﻄﺎع ان ﻳﺠﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣـﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺎت اﻟﺘـﻲ اﺻـﺒﺤﺖ ﻗـﺎدرة ﻋـﲆ وﻗﺪ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻋﲆ ﺻﺪق وﺻﺤﺔ ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺿﻴﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺪرﺗﻬﺎ ،ﺗﻔﺴير اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﴩي ﻋﲆ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﺎﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ و إﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﻤمارﺳﺔ اﳌﻴﺪاﻧﻴﺔ. وﻗﺪ ﺣﺎول ﻛﺜـير ﻣـﻦ اﻟﻌﻠماء إﻋﺎدة ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ إﱃ اﻟﻔﱰة اﻟﺘـﻲ اﺻـﺒﺢ ﻓﻴـﻪ ﻋﻠـما ﺗﺠﺮﻳﺒﻴـﺎ ﻳﻌﺘﻤـﺪ ﻋـﲆ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﳌﺘﻌﻠﻖ بمﻈﺎﻫﺮ اﻟﺴﻠﻮك وﺗﻔﺴيره واﻹﻓﺎدة ﻣـﻦ ذﻟـﻚ إﻓـﺎدة ﺗﻄﺒﻴﻘﻴـﺔ. وان رﺑﻂ ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻢ اﻟـﻨﻔﺲ ﺑﻬـﺬه اﻟﻔـﱰة ﻻ ﻳﻌﻨـﻲ إﻏﻔـﺎل دور اﻟﺘﺼـﻮرات اﻟﻘﺪيمـﺔ ﻋـﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﺮوح واﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺎرب ﻛما ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺪور اﻷول ﻟﻬـﺬا اﻟﻌﻠـﻢ وﻛـﺬﻟﻚ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﻪ ﻋﻠماء اﳌﺴﻠﻤين ﰲ اﻹﺷﺎرة إﱃ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ وﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ اذا ﻋﺪﻧﺎ إﱃ ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺧﻼل اﻟﻔﱰة اﳌﻤﺘﺪة ﻣﺎ ﺑين اﻟﻘﺮن اﻟﺴـﺎﺑﻊ ﻋﴩـ ﺣﺘـﻰ ً ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﴩ، ﻧﺠﺪه ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻔﱰة ﻓﺮﻋ ً ﺎ ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﺟﺎﻧﺒ ﺎ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧـﺐ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻌﺎم ﻟﻬﺎ . ﻋﲆ ﻣﻨﺼﺔ ﻋﻠماء اﻟـﻨﻔﺲ ﻛما ﻧﺠﺪ ﻋﻠماء اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺟﺎﻟﺴين ﻗـﺪ أﺧـﺬوا ﻋـﲆ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﻬﻤﺔ دراﺳﺔ اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺗﻔﺴير اﻟﺴﻠﻮﻛﺎت ووﺿﻊ اﻟﺪواﻓﻊ ﻟﻬﺬه اﻟﺘﴫﻓﺎت . وﻗﺪ اﺳﻬﻢ ﻋﻠماء اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﰲ ﺗﻨﺎول اﻟﻨﻔﺲ اﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﻠﻮدﻫـﺎ واﻟﻌﻼﻗـﺔ ﺑـين اﻟﻨﻔﺲ واﻟﺠﺴﺪ بمﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻻﺑﺤﺎث اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ان ﺗﻘﺪم اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻵراء واﳌﻌﺎرف أو اﻻرﺳـﻴﻄﻴﺔ أو ﺧﻠﻴﻄـ ً ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ اﻻﻓﻼﻃﻮﻧﻴـﺔ ًﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل وﺗﻜﻮن اﺳﺘﻤﺮارا ﺎ ﺑين ﻫﺬﻳﻦ اﻻﺗﺠﺎﻫين اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﺪان ﻣﻦ اﺑﺮز اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، وﻋﻼﻗﺔ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﱪ ﺟﻮﻫﺮ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ. َ ً ﻛما لم ﺗﺒﻖ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﺗﺠﺎﻫ ً ﺎ ﻣﺴـﺘﻘﻼ ﻋـﻦ ﺑﻘﻴـﺔ اﻟﻌﻠـﻮم وﰲ ﻋﺰﻟـﺔ ﻋـﻦ اﻟﺠﺎﻧـﺐ اﻟﺘﻄﺒﻴﻘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻞ اﻧﻬﺎ ﺑﺪأت ﺗﺘﺄﺛﺮ بمﻜﺘﺸﻔﺎت اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻷﺛـﺮ اﻟﻜﺒـير ﰲ ﺗﻐير ﺑﻌﺾ اﻻﺗﺠﺎﻫﺎت واﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻌﴫ واﻟﺘﻲ ﻛـﺎن ﻳﻨﻈـﺮ اﻟﻴﻬﺎ ﻛﻤﺴﻠمات ﺛﺎﺑﺘـﺔ ﻋـﻦ اﻟﻌـﺎلم وأﺧـﺬت اﻟﺤـﻮاس اﻻﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﻇـﻞ ﻫـﺬه اﻟﺘﺤـﻮﻻت اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ أﺻـﺎﺑﺖ ات اﻟﻔﻄﺮﻳـﺔ وﺗﺄﺧـﺬ ﻣﻜﺎﻧﻬـﺎ اﻟﻔﻠﺴـﻔﺔ ﺗﺘﺤـﺮر ﻣـﻦ اﻟﺘﺼـﻮر ﻛﺄ دوات ﻓﺎﻋﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻛﺘﺴﺎب اﳌﻌﺮﻓﺔ .واﺻﺒﺢ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻧﻈﺮة اﻛثر اﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻓﺎﻋﻠﻴــﺔ ﰲ رﺳــﻢ ﺧﺎرﻃــﺔ ﻟﻠﺴــﻠﻮك اﻻﻧﺴــﺎني واﻻﺳــﺘﻔﺎدة ﻣــﻦ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗــﻪ ﰲ ﺗﻔﺴــير ﻫــﺬه اﻟﺴﻠﻮﻛﺎت ﺑﻌﺒﺎرة اﻛثر ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻏـير اﻋﻄـﺎء وﺟـﻪ ﺻـﺤﻴﺤﺔ ذات اﺛـﺮ ﺗﺠﺮﻳﺒـﻲ ﰲ ﻫـﺬا اﳌﺠﺎل ﺣﻴﺚ ﺷﺒﻬﻪ اﻟﻌﺎلم "ﻫﻴﻮم "ﺑﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ اﻟﻌﻘﻞ. ﻳﻨﻈﺮ إﱃ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔ ﺲ ﺣﺘﻰ ﻓﱰة ﻗﺮﻳﺒﺔ إﱃ اﻧﻪ اﺣـﺪ ﻓـﺮوع اﻟﻔﻠﺴـﻔﺔ وﴐب ﻣـﻦ وذو اﺛﺮ ﺑﺎﻟﻎ ﰲ ﺗﺮﻋﺮع ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ًﴐوب ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ، وﻗﺪ اﺳﻬﻤﺖ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﺳﻬﺎﻣﺎ ﻛﺒيرا واﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ إذ ﻧﺠﺪ ﻫـﺬا اﻻﺛـﺮ وﻧﻠﻤﺴـﻪ ﻣـﻦ ﺧـﻼل دراﺳـﺔ ﻫـﺬه اﳌﻮاﺿـﻴﻊ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻮاﺿﻴﻊ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ.
إرسال تعليق